+ الرد على الموضوع
صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1 2 3 4 الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 35

الموضوع: دوحة الشعراء .... حياتهم وتاريخهم واعمالهم

  1. #11
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    الدولة
    انا وخلى كل ارض وطنا
    المشاركات
    46,513

    افتراضي


    إبن هانئ ( ابو القاسم محمد بن هانئ الازدي الاندلسي ) ولد باشبيلية في زهرة العهد الاموي وفي اوج عصره الذهبي
    , وفي حكم الملك الناصر . وكانت إشبلية إذ ذاك اخصب بلاد الاندلس علماً وادباً فنشأ بها ودرس الادب العربي على النمط المألوف.


    من روائعه في الغزل:

    أمسحواُ عن ناظرى كُحل السهاد و انفضوا عن مضجعي شوك القتاد
    او خذوا مني ما أعطيتم لا احب الجسم مسلوب الفؤاد
    هل تجيرون محباً من هوى؟ او تفكون أسير من صفاد؟
    أسُلُوا منكم من هجركم قلما يسلو عن الماء الصوادي !
    إنما كانت خطوب قُيضت فعدتنا عنكُم إحدى العوادي
    فعلى الايام من بعدكم ما على الظلماء من لبس الحداد
    لم يزدنا القرب إلا هجرة فرضينا بالتنائي و البعاد
    و إذا شاء زمان رابنا برقيب او حسود او معادي




    ابن هانئ الأندلسي: متنبي المغرب وقتيل العقيدة
    محمد بن هانئ بن محمد بن سعدون الأزدي الأندلسي, أبو القاسم يتصل نسبه بالمهلب بن أبي صفرة. وكان أشعر المغاربة على الإطلاق, وهو عندهم كالمتنبي عند أهل المشرق, وكانا متعاصرين.
    شط العرب

    ولد ابن هانئ بإشبيلية وحظي عند صاحبها, واتهمه أهلها بمذهب الفلاسفة. وفي شعره نزعة إسماعيلية بارزة, فأساؤا القول في ملكهم بسببه, فأشار عليه بالغيبة, فرحل إلى أفريقيا والجزائر. ثم اتصل بالمعز الفاطمي, وأقام عنده في المنصورية بقرب القيروان, ولما رحل المعز إلى مصر, عاد ابن هانئ إلى إشبيلية, فقتل غيلة, لما وصل إلى (برقة).
    وورد في "وفيات الأعيان" لابن خلكان: هو أبو القاسم وأبو الحسن, محمد بن هانىء الأزدي الأندلسي الشاعر المشهور; قيل إنه من ولد يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي, وقيل بل هو من ولد أخيه روح بن حاتم .. . وكان أبوه هانئ من قرية من قرى المهدية بأفريقية, وكان شاعرا أديبا, فانتقل إلى الأندلس, فولد له بها محمد المذكور بمدينة إشبيلية ونشأ بها واشتغل, وحصل له حظ وافر من الأدب وعمل الشعر فمهر فيه, وكان حافظا لأشعار العرب وأخبارهم, واتصل بصاحب إشبيلية وحظي عنده, وكان كثير الانهماك في الملاذ متهما بمذهب الفلاسفة; ولما اشتهر عنه ذلك نقم عليه أهل إشبيلية, وساءت المقالة في حق الملك بسببه, واتهم بمذهبه أيضا, فأشار الملك عليه بالغيبة عن البلد مدة ينسى فيها خبره, فانفصل عنها وعمره يومئذ سبعة وعشرون عاما .
    وخلاصة الأمر أنه خرج إلى عدوة المغرب, ولقي القائد الفاطمي جوهرا, فامتدحه ثم ارتحل إلى يحيى بن علي ... فنمي خبره إلى المعز أبي تميم معد بن المنصور الفاطمي ... فطلبه, فلما انتهى إليه بالغ في الإنعام عليه.
    ثم توجه المعز إلى الديار المصرية, فشيعه ابن هانئ, ورجع إلى المغرب لأخذ عياله والالتحاق به, فتجهز وتبعه, فلما وصل إلى برقة أضافه شخص من أهلها, فأقام عنده أياما ... وأصبح ميتا, ولم يعرف سبب موته.وقيل إنه وجد في سانيه من سواني برقة مخنوقا بتكة سراويله, وكان ذلك في بكرة يوم الأربعاء لسبع ليال بقين من رجب سنة اثنتين وستين وثلاثمائة, وعمره ست وثلاثون سنة, وقيل اثنتان وأربعون, رحمه الله تعالى ".
    ولما بلغ المعز وفاته, وهو بمصر, تأسف عليه كثيرا, وقال: "هذا الرجل كنا نرجو أن نفاخر به شعراء المشرق, فلم يقدر لنا ذلك".
    وله في المعز المذكور غرر المدائح ونخب الشعر, فمن ذلك قصيدته النونية التي أولها:
    هل من أعقه عالج يبرين أم منهما بقر الحدوج العين
    ولمن ليال ما ذككنا عهدها مذ كن إلا أنهن شجون
    المشرقات كأنهن كواكب والناعمات كأنهن غصون
    بيض وما ضحك الصباح, وإنها بالمسك من طرر الحسان لجون
    أدمى لها المرجان صفحة خده وبكى عليها اللؤلؤ المكنون
    أعدى الحمام تأوهي من بعدها فكأنه فيما سجعن رنين
    بانوا سراعا للهوادج زفرة مما رأين وللمطي حنين
    فكأنما صبغوا الضحى بقبابهم أو عصفرت فيه الخدود جفون
    ماذا على حلل الشقيق لو أنها عن لابسيها في الخدود تبين
    فلأعطشن الروض بعدهم ولا يرويه لي دمع عليه هتون
    أأforaten.net/?foraten.net/?foraten.net/? لحظ العين بهجة منظر وأخونهم? إني إذن لخؤون
    لا الجو جو مشرق ولو اكتسى زهرا, ولا الماء المعين معين
    لايبعدن إذ العبير له ثرى والبان دوح والشموس قطين
    حزني لذاك الجو وهو أسنة وكناس ذاك الخشف وهوعرين
    هل يدنيني منه أجرد سابح مرح وجائله النسوع امون
    ومهند قيه الفرند كأنه ردء له خلف الغرار كمين
    عضب المضارب مقفر من أعين لكنه من أنفس مسكون
    قد كلن رشح حديده أجلا, وما صاغت مضاربه الرقاق قيون
    وكأنما يلقى الضريبة دونه بأس المعز أو اسمه المخزون
    وله أيضا:
    والله لولا أن يسفهني الهوى ويقول بعض القائلين تصابى
    لكسرت دملجها بضيق عناقه ورشفت من فيها البرود رضابا
    وفي هذا الأنموذج دلالة على علو درجته وحسن طريقته. وديوانه كبير, ولولا ما فيه من الغلو في المدح والإفراط المفضي إلى الكفر لكان من أحسن الدواوين, وليس في المغاربة من هو في طبقته: لا من متقدميهم ولا من متأخريهم, بل هو أشعرهم على الإطلاق, وهو عندهم كالمتنبي عند المشارقة, وكانا متعاصرين, وإن كان في المتنبي مع أبي تمام من الاختلاف مافيه.
    ويقال إن أبا العلاء المعري كان إذا سمع شعر ابن هانئ يقول: ما أشبهه إلا برحى تطحن قرونا, لأجل القعقعة التي في ألفاظه, ويزعم أنه لاطائل تحت تلك الألفاظ, ولعمري ما أنصفه في هذا المقال, وما حمله على هذا فرط تعصبه للمتنبي, وبالجملة فما كان إلا من المحسنين في النظم, والله أعلم.





    التعديل الأخير تم بواسطة أنساب ; 25-07-2013 الساعة 02:38 PM

  2. #12
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    الدولة
    انا وخلى كل ارض وطنا
    المشاركات
    46,513

    افتراضي


    كان ابن هانئ الأندلسي شاعر الأندلس، بل قيل أنه أشعر شعرائها بدون منازع . يقول عنه ابن خلكان" لقد كان شاعراً أديباً، ليس في المغاربة من هو في طبقته لا من متقدميهم ولا من متأخريهم بل هو أشعرهم على ا لإطلاق، وهو عندهم كالمتنبي، وكانا متعاصرين ولولا ما فيه (أي شعره) من الغلو في المدح المفضي إلى الكفر، لكان ديوانه من أحسن الدواوين ."
    كان شديد التأثر بأبي الطيب المتنبي في شعره وترى قصائد مدحه قريبة من قصائد مدح المتنبي من حيث قوة العبارة وكثرة الألفاظ الصحراوية في شعره مع أنه عاش في الأندلس بلاد الطبيعة الخلابة


    في وصفه للمطر:

    الؤلؤٌ دمعُ هــذا الـغيث أم نــقـطُ ُ
    ما كان أحسنه لـو كان ُيلـتقط ُ

    أهـدى الـربيعُ الينا روضـةً أنــفاً
    كما تنفس عن كافوره السفـط

    غمـائمٌ في نـواحى الجـو عالقةٌ
    حفلٌ تحدر منها وابـل ٌ ســبط

    بين السحاب وبين الريح ملحمةٌ
    معامعٌ وظبى في الجو تخترط

    كأنه ساخطٌ يرضي على عجلٍ ٍ
    فما يدومُ رضى منه ولا سخط


    ألؤلؤٌ دمعُ هذا الغيثِ أم نقطُ
    ( ابن هانئ الأندلسي ) ألؤلؤٌ دمعُ هذا الغيثِ أم نقطُ

    ما كان أحْسَنَهُ لو كان يُلتَقَطُ

    بينَ السّحابِ وبينَ الريحِ ملحمة ٌ

    قعاقعٌ وظبى ً في الجوِّ تخترطُ

    كأنّهُ ساِخطٌ يَرضى على عَجَلٍ

    فما يدومُ رضى ً منه ولا سخط

    أهْدى الرّبيعُ إلينا روضة ً أُنُفاً

    كما تنفّسَ عن كافورهِ السَفط

    غمائمٌ في نواحي الجوَّ عاكفَة ٌ

    جَعْدٌ تَحَدَّرَ منها وابلٌ سَبِط

    كأنّ تهتانها في كلِّ ناحية ٍ

    مَدٌّ من البحرِ يعلو ثم ينهبط

    والبَرْق يَظهرُ في لألاءِ غرَّتِهِ

    قاضٍ من المُزْنِ في أحكامه شَطط

    وللجَديَدينِ من طُولٍ ومن قِصَرٍ

    حبلانِ منقبضٌ عنّا ومنبسط

    والأرْضُ تبسُطُ في الثرى وَرَقاً

    كما تنشَّرُ في حافاتها البسطُ

    والرّيحُ تَبعَثُ أنفاساً مُعَطَّرَة ً

    مثلَ العبيرِ بماءِ الوَرد يختلِط

    كأنّما هي أنفاسُ المعزِّ سرتْ

    لا شُبْهَة ٌ للنّدى فِيهَا ولا غَلَط

    تاللهِ لو كانت الأنواء تشبهه

    ما مَرَّ بُؤسٌ على الدّنْيا ولا قَنَط

    شَقّ الزمانُ لنا عن نورِ غُرّتِهِ

    عن دولة ٍ ما بها وهنٌ ولا سقط

    حتّى تسلَّطَ منهُ في الورى ملكٌ

    زينتْ بدولتهِ الأملاك والسُّلط

    يختطُّ فوق النُّجوم الزُّهرِ منزلة ً

    لم يدنُ منها ولم يقرنْ بها الخططْ

    إمامُ عدلٍ وفى في كلِّ ناحية ٍ

    كما قضَوْا في الإمامِ العدلِ واشترطوا

    قد بانَ بالفضلِ عن ماضٍ ومؤتَنِفٍ

    كالعِقدِ عن طرَفَيْه يفضُلُ الوسَط

    لا يغتدي فرحاً بالمالِ يجمعهُ

    و لا يبيتُ بدنيا وهو مغتبط

    لكنّهُ ضدُّ ما ظنَّ الحسودُ بهِ

    وفوقَ ما ينتهي غالٍ ومنبِسط

    يزري بفيض بحارِ الأرض لو جمعتْ

    بنان راحتهِ المُغلَولِبُ الخَمِط

    وجْهٌ بجَوْهَرِ ماء العرْش متّصِلٌ

    عِرْقٌ بمحض صريحِ المجد مرتبط

    شمسٌ من الحقّ مملوءٌ مطالِعُها

    لا يهتدي نحوها جورٌ ولا شطط

    يروِّعُ الأسدَ منه في مكامنها

    سيفٌ له بيمينِ النّصرِ مخترط

    خابتْ أُميّة ُ منه بالّذي طلبَتْ

    كما يخيبُ برأسِ الأقرعِ المشط

    و حاولوا من حضيض الأرض إذ غضبوا

    كوكباً عن مرامي شأوها شحطوا

    هذا وقد فَرّقَ الفُرقانُ بينكما

    بحيْثُ يفترِقُ الرِّضْوانُ والسَخط

    الناسُ غيركُمُ العُرقوبُ في شرَفٍ

    وأنْتُمُ حيْث حَلَّ التْاجُ والقُرُط

    ولستُ أشكُو لنفْسي في مودَّتِكُم

    لأنّكمْ في فؤادي جيرة ٌ خلط

    يا أفضَلَ الناس من عُرْبِ ومن عَجَمٍ

    و آلِ أحمدَ إن شبّوا وإن شمطوا

    ليهنكَ الفتحُ لا أنّي سمعتُ بهِ

    و لا على اللّه فيما شاءَ أشترط

    لكن تفاءلْتُ والأقدارُ غالبَة ٌ

    و اللّهُ يبسطُ آمالاً فتنبسط

    ولستُ أسألُ إلاّ حاجَة ً بَلَغَتْ

    سؤلَ الإمام بهاالرُّكّاضة ُ النُّشط

    من فوْقِ أدهَمَ لا يَجتازُ غايَتَهُ

    نجمٌ من الأفقِ الشمسيِّ منخرط

    يَحْتَثُّهُ راكبٌ ضاقَتْ مذاهبُهُ

    بادي التشحُّبِ في عُثْنُونِه شَمَط

    إنّ الملوكَ إذا قيسوا إليكَ معاً

    فأنتَ من كثرة ٍ بحرٌ وهم نقط



  3. #13
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    الدولة
    انا وخلى كل ارض وطنا
    المشاركات
    46,513

    افتراضي


    شط العرب
    إبن حزم الأندلسي

    علي بن حزم الاندلسي (30 رمضان 384 هـ / 7 نوفمبر 994م.قرطبة - 28 شعبان 456 هـ / 15 اغسطس 1064م ولبة)، أكبر علماء الإسلام تصنيفًا وتأليفًا بعد الطبري، وهو إمام حافظ ,فقيه ظاهري، ومجدد القول به، بل محيي المذهب بعد زواله في الشرق، ومتكلم، اديب، وشاعر، وناقد محلل، بل وصفه البعض بالفيلسوف، وزير سياسي لبني امية، سلك طريق نبذ التقليد وتحرير الأتباع. يعد من أكبر علماء الأندلس. قام عليه جماعة من المالكية وشرد عن وطنه. توفي في منزله في أرض أبويه منت ليشم المعروفة بمونتيخار[2] حالياً، وهي عزبة قريبة من ولبة.

    ومن اشهر مؤلفاته

    جوامع السيرة نشر عدة مرات
    رسالة في القراءات المشهورة في الأمصار
    رسالة أسماء الصحابة والرواة وما لكل واحد من العدد
    كتاب الشعراء المقدمين
    كتاب الإمامة والمفاضلة
    نسب البربر في مجلد
    رسالة مراتب العلماء وتواليفهم في كراسة
    الرسالة اللازمة لأولى الأمر
    تسمية شيوخ مالك
    تسمية الشعراء الوافدين على ابن أبى عامر
    تراجم أبواب صحيح البخارى
    جزء في أوهام الصحيحين
    مقالة في السعادة
    مقالة في شفاء الضد بالضد
    كتاب شرح فصول بقراط
    كتاب بلغة الحكيم
    كتاب حد الطب


    ومن اروع ما نشر له رسائل ابن حزم الاندلسي (( طوق الحمامة))


  4. #14
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    الدولة
    انا وخلى كل ارض وطنا
    المشاركات
    46,513

    افتراضي

    إبن حزم الأندلسي

    من شعره في الصداقة والأخوة، ما جاوب به صديقه أبا عامر بن شهيد، فقد كتب إليه في أبيات مؤثرة جدا، لما مرض مرضه الأخير، يطلب من ابن حزم أن يقوم بتأبينه يوم وفاته، ويشيع ذكره، ويدعو له بالمغفرة والرحمة، وفي هذه القصيدة يذكره بصداقته والمودة التي تجمع بينهما قائلا:

    فمن مبلغ عني ابن حزم وكان لـي يدا في ملماتي وعند مضايـقـي

    عليك سلام الله إني مفـارق "وحسبك زادا من حبيب مفـارق"

    فلا تنس تأبيني إذا ما فقدتنـي وتذكار أيامي وفضل خلائقي

    فلي في ادكاري بعد موتي راحـة فلا تمنعونيها علالة زاهـق

    فأجابه ابن حزم:

    أبا عامر ناديت خلا مصافيا يفديك من دهم الخطوب الطـوارق

    وآلمت قلبا مخلصا لك ممحضـا بودك موصول العرى والعلائق

    ياقوتة الأندلس

    ابن حزم الأندلسي



    جرى الحبُّ منّي مجرى النَّفس
    وأعطيت عيني عنان الفرسْ
    ولي سيّدٌ لم يزل نافراً
    وربَّتما جاد لي في الخلسْ
    فقبَّلته طالباً راحةً
    فزاد أليلاً بقلبي اليبسْ
    وكان فؤادي كنبت هشيمٍ
    يبيسٍ رمى فيه رامٍ قبسْ
    ويا جوهر الصّين سحقاً فقد
    غنيت بياقوتة الأندلسْ




  5. #15
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    الدولة
    انا وخلى كل ارض وطنا
    المشاركات
    46,513

    افتراضي


    من اجمل ما قرأت له (( من الرسائل))
    فصل في مداواة النفوس وإصلاح الاخلاق

    (( لذة العاقل بتمييزه , ولذة العالم بعلمه , ولذة الحكيم بحكمته ,ولذة المجتهد لله عز وجل بإجتهاده أعظم من لذة الاكل باكله , والشارب بشربه , والكاسب بكسبه , واللاعب بلعبه , والامر بامره. وبرهان ذلك ان الحكيم والعالم والعاقل والعالم ومن ذكرنا واجدون لسائر اللذات التي سمينا كما يجدها المنهمك فيها ويحسونها كما يحسها المقبل عليها,وقد تركوها واعرضوا عنها واثروا طلب الفضائل عليها. و إنما يحكم في الشيئين من عرفهما , لا من عرف احدهما ولم يعرف الاخر))

    (( لا مروءة لمن لا دين له ))

    (( العاقل لايرى لنفسه ثمناً إلا الجنة))

    (( لا تبذل نفسك إلا فيما هو أعلى منها , وليس ذلك إلا في ذات الله عز وجل , في دعاء إلى حق ,وفي حماية الحريم , وفي دفع هوان لم يوجبه عليك خالقك تعالى, وفي نصر مظلوم . وباذل نفسه في عرض دنيا كبائع الياقوت بالحصى))


  6. #16
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    الدولة
    انا وخلى كل ارض وطنا
    المشاركات
    46,513

    افتراضي


    فصلٌ في معرفة النفس بغيرها، وجهلها بذاتها


    قال أبو محمد علي بن أحمد بن حزم _ رحمه الله:

    "أطلت الفكر في نفسي، بعد تيقني أنها المدبرة للجسد، الحساسة الحية العاقلة المميزة العالمة، وأن الجسد موات لا حياة له، وجمادٌ لا حركةَ فيه إلا أنْ تحركه النفس، وبعد إيقاني أنها صاحبة هذه الفكرة، والمحركة للساني بما تريد إخراجه مما استقرَّ عندها فقالت مخاطبة لنفسها، باحثة عن حقيقة أمرها:
    يا أيتها النفس المدبرة لهذا الجسد: ألست التي قد عرفت صفات جسدك الذي واليت تدبيره، وحققتها وضبطها؟
    قالت : بلى.
    قالت: يا أيتها النفس المدبرة لهذا الجسد: ألست التي تجاوزت جسدك المضاف تدبيره إليك، فخلص فهمك وبحثك إلى سائر ما يليك من الأرض والماء والهواء وسائر الأجرام، ثم إلى ما لم يَلِكِ من الأجرام، فميزت أجناس كل ذلك وأنواعه وأشخاصه، وحققت صفات كل ذلك: الذاتية والغيرية، وفرقت بين كل ذلك بالفروق الصحيحة، ثم تخطيت كل ذلك إلى الأفلاك البعيدة وما فيها من الأجرام النيرة فعرفت كيفية أدوارها، ووقفت على حقيقة مدارها، وضبط كل ذلك، وأشرفت عليه، وسرحت هنالك، وأوغلت في تلك الطرق والمسالك، وخضت إليه الأنوار والظلم، واقتحمت نحوه الأبعاد حتى أتيته من أمم، ولم يخف ما بعد وغمض؟!!
    قالت: بلى.
    قالت: يا أيتها النفس المشرفة على ذلك كله: ألستِ التي لم تقنعي بهذا المقدار من العلم على عظمه وطوله، ولا ملأ خزانتك هذا الحظ من الإشراف، على كبر شأنه وهوله، حتى تعديت إلى ما كان قبل حلولك في هذا الجسد وارتباطك به، من أخبار القرون البائدة والممالك الداثرة والأمم الغابرة والوقائع الشنيعة والسير الذميمة والحميدة، ووقفت على أخبارهم وعلومهم فشاهدت كل ذلك بمعرفتك إذ لم تشاهديه بحواسك؟!!
    قالت: بلى.
    قالت: يا أيتها النفس الغابطة لهذه العظائم المشرفة على هذه الأمور الشنيعة: ألستِ التي لم يكفك هذا كله حتى تجاوزت العلم بما فيه، وطفرته من جميع نواحيه،فشاهدت الواحد الأول، ووفقت إلى الحق الأول المبدع للعالم بكل ما فيه، فأشرفت على أنه هو، وتوهمت إحداثه لكل ما دونه لتوهمك لكل ما شاهدته بحواسك، فأحطت بكل هذا علما، واتويت على جميعه فهما؟ قالت: بلى.
    قالت: يا أيتها النفس التي بلغت هذه المبالغ النائية، وترقت إلى هذه المراقي العالية، وسربت في تلك السبل الغامضة، واستسهلت الولوج في تلك الشعاب الخافية، وسمت إلى التوقّل إلى تلك المنازل السامية، وتكلفت الارتقاء إلى دار تلك الفُلُكِ الشاهقة: تفكري إذ وصلت إلى هذه الرتب، وخرقت تلك الحجب، ورُفِعَتْ دونك تلك الستور المسبلة، وفتحت لك تلك الأبواب المغلقة المقفلة، وسهل عليك تولج تلك المضايق الهائلة، وتأتَّى لك تخلل تلك الثنايا البعيدة،
    هل عرفت مائيتك، وهل دريت كيفيتك، وهل وقفت على أي شيء أنت، وما جوهرك؟ وهل أشرفت على حملك لصفاتك، كيف حملتها؟
    قالت: لا، ما عرفت شيئا من ذلك.
    قالت: يا أيتها النفس العارفة بغيرها، الجاهلة بذاتها: فهل تعرفين محلك ومن أين أتيت، ومن أين تتكلمين، وكيف تحركين هذه الأعضاء المصونة إذا حركتها، الساكنة إذا تركتها؟
    قالت: لا.
    قالت: يا أيتها النفس المعجب شأنها فيما علمتْ وفيما جهلت: هل تذكرين أين كنت ومن أين أقبلت، وكيف تعلقتِ بهذا الجسد المظلم الميت الجاهل، وكيف تصريفك له، وكيف بقاؤك فيه بالأسباب الممسكة لك معه، وكيف انفصالك عنه عند الآفات العارضة له؟!!
    قالت: لا.
    قالت: يا أيتها النفس المعترفة بجهل ذاتها، الواقفة على علم ما عداها: ألست أنت المخاطبة والمسؤولة السائلة؟!!
    قالت: بلى.
    قالت: فما قطع بك عن معرفة ذاتك وصفاتك، ومكانك وبدء شانك، ومحلك وتنقلك، وكيف تعلقت بهذا الجسد وكيف تصريفك له وكيف تنقلك عنه؟!!
    فتدبرتْ هذا فأيقنتْ أنه لو كان علمها ما علمت بقوتها وطبيعتها، دون مادة من غيرها، لكان المعجز لها مما جهلته أسهل عليها من الممكن لها مما علمتْ.
    فاعترفت بأن لها مدبرا علَّمها ما علمت من البعيدات فعلمته، وجهلت ما لم يُطْلِعْهَا طِلْعَهُ من القريبات فجهلته.
    فيا لك برهاناً على عجز المخلوق ومهانته وضعفه وقلّته، نعم وعلى أن النفس لا تفعل ولا تقعد إلا بقوة وإرادة من قِبَل غيرها لا تتجاوزها ولا تتعداها، ولله الأمر كله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وحسبنا الله ونعم الوكيل."
    انتهى القول في النفس والحمد لله وحده وصلّى الله على سيدنا محمد وآله، وسلم تسليما كثيرا.

    [رسائل ابن حزم بتحقيق إحسان عباس(1/443)]


  7. #17
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    الدولة
    انا وخلى كل ارض وطنا
    المشاركات
    46,513

    افتراضي

    ابن حزم الأندلسي

    أهوى الحديث إذا ما كان يذكر لي

    أهوى الحديث إذا ما كان يذكر لي **** فيه ويعبق لي عن عنبر أرج
    إن قال لم أستمع ممن يجالسني **** إلى شوى لفظه المستطرف الغنج
    ولو يكون أمير المؤمنين معي **** ما كنت من أجله عنه بمنحرج
    فإن أقم عنه مضطرّاً فإني لا **** أزال ملتفتاً والمشي شيء وجي
    عيناي فيه وجسمي عنه مرتجل **** مثل ارتقاب الغريق البر في اللجج
    أغص بالماء إن أذكر تباعده **** كمن تثاءب وسط النقع والوهج
    وزان تتل ممكن قصد السماء اتل **** نغم وإني لأدري موضع الدرج


  8. #18
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    الدولة
    انا وخلى كل ارض وطنا
    المشاركات
    46,513

    افتراضي


    ما زلنا نغوص في بحار الحكمة وننهل من روعة إبن حزم الأندلسي

    طالب الآخرة ليفوز في الآخرة متشبه بالملائكة، وطالب الشر متشبه بالشياطين، وطالب الصوت والغلبة متشبه بالسباع.

    وطالب اللذات متشبه بالبهائم، وطالب المال لعين المال لا لينفقه في الواجبات والنوافل المحمودة أسقط وأرذل من أن يكون له في شيء من الحيوان شبه ! فالعاقل لا يغتبط بصفه يفوقه فيها سبع أو بهيمة أو جماد.

    أجل العلوم ما قربك من خالقك تعالى، وما أعانك على الوصول إلى رضاه.

    انظر في المال والحال والصحة إلى من دونك ، وانظر في الدين والعلم والفضائل إلى من فوقك.

    احرص على أن توصف بسلامة الجانب ، وتحفظ من أن توصف بالدهاء فيكثر المتحفظون منك ، حتى ربما أضر ذلك بك ، وربما قتلك.

    وطّن نفسك على ما تكره يقل همك إذا أتاك، ويعظم سرورك، ويتضاعف إذا أتاك ما تحب مما لم تكن قدّرته.

    من استخف بحرمات الله تعالى فلا تأمنه على شيء مما تشفق عليه.

    وجدت أفضل نعم الله تعالى على المرء ، أن يطبعه على العدل وحبه، وعلى الحق وإيثاره .

    حد الصداقة : أن يكون المرء يسوءه ما يسوء الآخر ، ويسره ما يسره ، فما سفل عن هذا فليس صديقاً ، ومن حمل هذه الصفة فهو صديق ، وقد يكون المرء صديقاً لمن ليس صديقه.

    وأقصى غايات الصداقة : التي لا مزيد عليها من شاركك بنفسه ، وبماله لغير علة توجب ذلك ، وآثرك على من سواك.

    النصيحة مرتان: فالأولى: فرض وديانة والثانية: تنبيه وتذكير وأما الثالثة: فتوبيخ وتقريع.

    إذا ارتفعت الغيرة فأيقن بارتفاع المحبة .

    حد العقل استعمال الطاعات والفضائل ، وهذا الحد ينطوي فيه اجتناب المعاصي والرذائل. وقد نص الله تعالى في غير موضع من كتابه على أن من عصاه لا يعقل ، قال الله تعالى حاكياً عن قوم { وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السforaten.net/?foraten.net/?foraten.net/? } ثم قال تعالى مصدقاً لهم { فاعترفوا بذنبهم فسحقاً لأصحاب السforaten.net/?foraten.net/?foraten.net/? }.


    أصول الفضائل كلها أربعة عنها تتركب كل فضيلة وهي: العدل ، والفهم ، والنجدة ، والجود.

    أصول الرذائل كلها أربعة عنها تتركب كل رذيلة وهي : الجور ، والجهل ، والجبن ، والشح.

    والحرص متولد عن الطمع ؛ والطمع متولد عن الحسد ، ويتولد من الحرص رذائل عظيمة منها: الذل والسرقة والغصب والزنا والقتل والعشق.

    والكذب متولد من الجور والجبن والجهل ؛ لأن الجبن يولد مهانة النفس ، والكذاب مهين النفس بعيد عن عزتها المحمودة.

    الذل عند النفوس الكريمة أشد من المرض والخوف والهم والفقر ، وهو أسهل المخوفات عند ذوي النفوس اللئيمة.

    إذا حضرت مجلس علم فلا يكن حضورك إلا حضور مستزيد علم وأجر ، لا حضور مستغن بما عندك طالباً عثرة تشنعها ، أو غريبة تشيعها ؛ فهذه أفعال الأرذال الذين لا يفلحون في العلم أبداً.

    صفة سؤال المتعلم: أن تسأل عما لا تدري لا عما تدري ، فإن السؤال عما تدريه سخف ، وقلة عقل وشغل لكلامك ، وقطع لزمانك بما لا فائدة فيه لا لك ولا لغيرك ، وربما أدى إلى اكتساب العداوات ، وهو بعد عين الفضول.


  9. #19
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    الدولة
    انا وخلى كل ارض وطنا
    المشاركات
    46,513

    افتراضي

    إبن حزم الأندلسي

    من شعره في الصداقة والأخوة، ما جاوب به صديقه أبا عامر بن شهيد، فقد كتب إليه في أبيات مؤثرة جدا، لما مرض مرضه الأخير، يطلب من ابن حزم أن يقوم بتأبينه يوم وفاته، ويشيع ذكره، ويدعو له بالمغفرة والرحمة، وفي هذه القصيدة يذكره بصداقته والمودة التي تجمع بينهما قائلا:

    فمن مبلغ عني ابن حزم وكان لـي يدا في ملماتي وعند مضايـقـي

    عليك سلام الله إني مفـارق "وحسبك زادا من حبيب مفـارق"

    فلا تنس تأبيني إذا ما فقدتنـي وتذكار أيامي وفضل خلائقي

    فلي في ادكاري بعد موتي راحـة فلا تمنعونيها علالة زاهـق

    فأجابه ابن حزم:

    أبا عامر ناديت خلا مصافيا يفديك من دهم الخطوب الطـوارق

    وآلمت قلبا مخلصا لك ممحضـا بودك موصول العرى والعلائق


  10. #20
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    الدولة
    انا وخلى كل ارض وطنا
    المشاركات
    46,513

    افتراضي


    أشعار إبن حزم التأملية الزهدية:

    هي خلاصة تجاربه، وتعبير عن نظراته في الدهر والزمان وتأملات في أخلاق الناس، وفي الحياة والموت وما بعد الموت.

    وهي قصائد طويلة نسبيا قياسا مع أشعاره الأخرى في الموضوعات التي سلف عرضها.

    منها هذه الأبيات من قصيدة يؤكد فيها على قيمة الدين وقيمة العرض… معتبرا ما دونهما من أمور الحياة هي يسير، لأنها لا تدوم قائلا:

    جعلت اليأس لي حصنا ودرعـا فلم ألبس ثياب المستضـام

    وأكثر من جميع الناس عنـدي يسير صانني دون الأنام

    إذا ما صح لي ديني وعرضي فلست لما تولى ذا اهتمــام

    تولى الأمس والغد لست أدري أأدركه ففيما ذا اغتمام

    ومن أجمل قصائده في هذا الباب هذه القصيدة التي أوردها الحميدي، فيما يتعلق بالدهر وصراع الإنسان معه، والذي لا يذيقه سوى الندم والهم والحسرة بعد أن تذهب اللذات وتزول المتع:

    هل الدهر إلا ما عرفنا وأدركنـا فجائعه تبقى ولذاته تفنــى

    إذا أمكنت منه مسرة ساعـة تولت كمر الطرف واستخلفت حزنا

    إلى تبعات في المعاد وموقف نود لديه أننا لم نكن كنا

    حصلنا على هم وإثم وحسـرة وفات الذي كنا نلذ به عنـا

    حنين لما ولى وشغل بما أتـى وغم لما يرجى فعيشك لا يهنـا

    كأن الذي كنا نسر بكونــه إذا حققته النفس لفظ بلا معنـى

    وهذا البيت الأخير من أجل أبيات الحكمة -في رأينا- لما فيه من صدق وإيجاز وتكثيف للمعنى.

    أما قصائده الوعظية والزهدية فهي طويلة، قياسا مع باقي شعره. وفيها تكرار للمعنى بصور مختلفة بغية تثبيته في الوجدان والأذهان معا.

    من هذه المطولات هائيته التي يبدأها بالحديث عن نفسه بضمير الغائب:

    أقصر عن لهوه وعن طربـه وعف في حبه وفي غربـه

    فليس شرب المدام همته ولا اقتناص الظباء من أربـه

    ففي هذه القصيدة نداء للنفس بالعدول عن الأهواء والمسارعة إلى النجاة والاجتهاد في الخير حتى تفور بالخلاص.

    كما أن فيها دعوة زهدية حارة إلى نبذ الملذات وكل ما مصيره الفناء في هذه الدنيا التي تذوي غضارتها سريعا:

    دع عنك دارا تفنى غضارتهـا ومكسبا لا عبا بمكتسبه

    فكم من طالب لمكاسب الدنيا، أتى عليه الموت فحال دون ما يريد، وكم من إنسان ارتقى أعلى القمم في مراتب الدنيا فإذا به ينزل إلى الحضيض… الخ

    وليس التقي كالفاسق، كما أن صدق الكلام ليس من كذبه هكذا يمضي ابن حزم يحذر من الدنيا الغرارة، التي يحاول الإنسان الإمساك بمصالحها الآنية دون جدوى.

    فكم من نفوس تقطعت في سبيل مكاسب واهية، وكم تجد في أثرها، وهي (أي الدنيا) تجد في الهرب باستمرار كالسراب. ويتعجب الشاعر -رغم كل هذا- من تهافت الناس عليها وعدم تمسكهم بالجوهر والأبقى.

    من هذه القصائد الزهدية والوعظية أيضا، هائية أخرى طويلة جدا، وفيها كالقصيدة السابقة تحذير للنفس من الإنسياق وراء ملذات الدنيا الفانية وعدم الاغترار بما قد يبدو من غضارة العيش فيها، فهي غضارة ستذوي سريعا ويمحي لونها الأخضر. بعد هذا القسم الخبري ينتقل إلى التعجب، تعجبه من ذلك الإنسان المغتر بالدنيا وبمتع الحياة مع أن الموت يلاحقه، فتبا لنفس لا ترعوي قادها لهو ساعة إلى العذاب:

    أعارتك دنيا، مسترد معارهــا غضارة عيش سوف يذوي اخضرارها

    وهل يتمنى المحكم الرأي عيشة وقد حان من دهم المنايا مزارهـا

    وكيف تلذ العين هجعة ساعة وقد طال فيما عاينته اعتبارهـا

    القصيدة فيها نفس وعظي حزين، كأنه وتر جنائزي، وقد ساعد على ذلك إيقاع القصيدة الذي يمتد بطيئا، وحركة المد التي أشبع بها الروي "الهاء" مما جعل إيقاعها مردودا وممتدا.

    وفي هذه القصيدة تكرار التوبيخ للنفس الإنسانية، وهي عند ابن حزم نفس أمارة بالسوء، ميالة دوما إلى الأهواء والرغبات المادية، كما أنها عمياء في ميولها إلا من كبح جماعها بالعقل، وألجمها بالتبصر في عواقب الأمور.

    هكذا يمضي في القصيدة يقرع تلك النفس التي تنساق دوما وراء الملذات والمكاسب الفانية، ضاربا الأمثلة بالأمم البائدة.

    ثم ينتقل إلى تحليل الاضطرابات النفسية لذلك الشخص الذي لا يستطيع التحكم في نوازعه وميوله، إما ضعفا أو خوفا من سلطة دنيوية وكأن ابن حزم يستبطن دواخله، ولا عجب، فقد ألف رسالته مداواة النفوس وفيها استشفاف باطني لكل أحوال النفس البشرية وأهوائها وتقلباتها بين الحسد والطمع والرياء والنفاق والإنسياق مع الشهوات…. وكل الأمراض النفسية، من أبيات هذه القصيدة:

    أراك إذا حاولت دنياك ساعيـا على أنها باد إليك ازورارهـا

    وفي طاعة الرحمن يقعدك الونـى وتبدي أناة لا يصح اعتذارهـا

    تحاذر إخوانا سنفنى وتنقضـي وتنسى التي فرض عليك حذارهـا

    كأني أرى منك التبرم ظاهـرا مبينا! إذا الأقدار حل اضطرارهـا

    هناك يقول المرء من لي بأعصـر مضت كان ملكا في يدي خيارهـا

    وهكذا يمضي ابن حزم في تحليل مشاعر الندم والحسرة التي قد تنتاب هذا الإنسان ساعة الاحتضار، وقد بقي وحيدا يواجه ربه، بعد أن تبرأ منه كل الخلطاء يواجه ظلمة القبر، ويستحضر يوم البعث، مترقبا يوم الجزاء.

    وكأننا عندما نقرأ هذه القصيدة نتتبع مع الشاعر السناريو المحزن والمفجع للمصير الإنساني، منذ شبابه وإقباله على الدنيا، وانغماسه فيها إلى آخر رمقه، بل كأننا نشاهد شريطا لأطوار النفس البشرية يعرضه ابن حزم أمام شاشة مكبرة.

    وقد ساعده على ذلك توظيفه لكثير من الأساليب الإنشائية كالنداء والتعجب والاستفهام الإنكاري والأمر والنهي والتقريع…الخ.

    كما تراوح أسلوب القصيدة بين الإخبار والطلب، مما منحها حيوية وإقناعا وتأثيرا.

    كما أن هذه الأساليب كلها تكشف عن توتر الشاعر وعن مشاعر التدين في نفسه.


+ الرد على الموضوع
صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1 2 3 4 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. اسـمــاـء الــمــلائكه واعمالهم
    بواسطة المحقق الجنائي في المنتدى الاسلام
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 08-05-2011, 11:41 PM
  2. مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 30-04-2011, 02:36 PM
  3. صور جودت 2011 | صور الاغا جودت | صور سيلا 2011 | صور جودت من مسلسل سيلا | صور جودت بم
    بواسطة محمد الرحال في المنتدى اخبار وصورالفنانين
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 30-04-2011, 02:24 PM
  4. اعمار الطلاب المشتركين بستار اكاديمى 8 واعمالهم
    بواسطة وسام نوشي في المنتدى اخبار وصورالفنانين
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 23-04-2011, 01:45 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك